آخر الأخبار
1

الجمعة، 26 ديسمبر 2014

مقاهى رأى عام - مصر



لم تعد المقاهى مجرد مكان للتسلية وتضييع الوقت. أو ملتقى للعاطلين أو موظفى المعاش بل يمكن أن تلتقى بمصر كلها حالياً على المقاهى المختلفة وكما قالت مجلة إنجليزية "المقهى المصرى ترمومتر للحياة داخل مصر من هوجة عرابى حتى ثورة 25 يناير" فهنا تتنوع الآراء ووجهات النظر والمبادرات وتظهر حلول لمشاكل مصر.
هذا هو حال المقاهى التى يصل عددها لأكثر من 47 ألف مقهى فى القاهرة فقط. والتى تحولت إلى مقاهى رأى عام. وخصوصا فى منطقة وسط البلد. وتصبح كاملة العدد فى المليونيات. ومنها تنطلق المظاهرات. ولكن العلاقة بين المقاهى والسياسة فى مصر لها تاريخ طويل، الحكاية نرصد تفاصيلها فى هذا التحقيق.
- "تاريخ المقاهى السياسية":
يروى لنا شيخ القهوجية فى مصر المعلم حسن الاسكندراني حكاية مقاهى السياسة قائلا: للأسف لم يبق منها سوى مقهى ريش الشهير فى وسط البلد، والتى كانت بدايتها مع ثورة 1919، وكانت تطبع فيها منشورات الثورة، ولكن بجانب ريش كان هناك مقهى "متاتيا"، وكان يجلس به العديد من المشاهير والسياسيين، مثل أديب اسحق والشيخ جمال الدين الافغانى والشيخ محمد عبده‏، ‏ والزعيم سعد زغلول‏، ‏ وعباس العقاد، وأغلقت متاتيا سنة 1960، وبجانب ذلك كانت توجد مقهى "المختلط" بالعتبة، ومقهى "قشتمر" التى كانت ملتقى للأدباء وعلى رأسهم نجيب محفوظ والأديب إبراهيم عبدالقادر المازنى، ومقهى الحرية فى باب اللوق، ومقهى "إيزافيتش" والتى شهدت حركة اعتصام الطلبة عام 1971 التى طالبت بمحاكمة المسئولين عن النكسة، بجانب مقهى "ايليت" فى شارع صفية زغلول الشهير بالإسكندرية، وهو أحد أشهر مقاهى الجالية اليونانية فى الخمسينيات من القرن الماضي، والتى كان يجلس فيها نجيب محفوظ وأم كلثوم والملكة فريدة والملكة ناريمان والعديد من السياسيين والفنانين.
- "رويتر" جاسوس وزارة الداخلية:.
ويستكمل شيخ القهوجية حديثه بحكاية "رويتر" قائلا: أما عن مقهى "الأنجلو" ويشغل مكانها حالياً البنك المركزى فى شارع شريف فقد كان مقرا لرجال السياسة، وعلى موائده كانت تتشكل الوزارات، وتسقط وتحاك الخطط والمؤامرات السياسية، وكان باشوات مصر يلتقون فى هذا المقهى، على غير موعد، لأنهم كانوا من أحزاب مختلفة، يجمعهم السهر والمناقشة، ولم يكن الطلبة يرتادون هذه المقاهي، لأن موائده كانت محجوزة، وكل باشا له مزاجه الخاص و"شلته" التى تتجمع حوله، وفى كل صباح كان حسن فهمى رفعت باشا وكيل الداخلية، يذهب إلى مقهى "الأنجلو" ليشرب فنجان القهوة، ويلتقى برجل مهم اسمه "رويتر"، ينقل الأخبار ثم يذهب إلى مكتبه بالوزارة مشياً على قدميه، من شارع شريف إلى شارع الشيخ ريحان، ثم يضع الباشا خططه طبقاً لتقرير "رويتر"، ومن هنا جاءت حكاية "قول يا رويتر" عندما نطلب من أحد أن يبلغنا بشيء.
- "البورصة" لليبراليين فقط:
أكبر تجمع للنشطاء السياسيين والثوار فى منطقة وسط البلد تجدهم على مقاهى "البورصة"، والتى تعتبر أهم المقاهى السياسية الآن لقربها من ميدان التحرير، ويجلس عليها العديد من النشطاء، ويتردد عليها العديد من أنصار التيارات الليبرالية، كما أن هناك عداءً بين تلك المقاهى وبعض التيارات الإسلامية، يقول أحمد صابر - أحد شباب 6 أبريل -: مقاهى البورصة عقب الثورة أصبحت رمزا بالطبع، نظرا لقربها من ميدان التحرير، كما نناقش فيها ما يمكن أن نفعله وخطواتنا القادمة، وهناك بعض البيانات نكتبها هنا، كما أننا ننطلق أحيانا بمظاهراتنا ومسيراتنا من هنا، أو نستقبل المسيرات وننضم إليها وندخل إلى الميدان.
"سياسة قوم عند قوم فوائد" لم يجد أحمد عبدالسلام - عامل بإحدى مقاهى البورصة - أفضل من تلك الجملة ليعبر عن حالة الانتعاش الاقتصادى التى تشهدها تلك المقاهي، ويقول: من زمان ومقاهى البورصة يأتيها الكثيرون، ولكن من قبل الثورة كان أكثر الذين يجيئون إليها من الذين يعملون فى البورصة أو الشباب العادي، ولكن بعد الثورة أصبحت مقرا لليبراليين، والحمد لله نكسب كثيرا من وراء السياسة، ولكن الأزمة عندما نفاجأ بمعارك على تلك المقاهي، مثلما حدث من قبل عندما وجدنا أنصار حركة حازمون يأتون إلى المقاهى وحدثت معركة مع الشباب الذين كانوا يجلسون هناك، فنجد خسائر كبيرة، وبصرف النظر عن كل ذلك هناك العديد من النشطاء السياسيين الذين يأتون إلى هنا مثل أحمد دومة وشباب حركة 6 أبريل وشباب من كفاية ومن حزب الدستور والتيار الشعبي، وغيرهم من الشباب الليبرالي.
- "مقهى لكل محافظة":
المقاهى السياسية لا تقتصر على القاهرة فقط. بل تنتشر أيضا فى العديد من المحافظات.
فى الإسكندرية يقول نبيل بهاء الدين - طالب بكلية الحقوق -: هناك العديد من المقاهى التى من الممكن أن نطلق عليها اسم مقاهٍ سياسية، ومنها مقهى "أبورجب" والتى يجلس عليها العديد من النشطاء السياسيين وخصوصا الاشتراكيين الثوريين، وتنطلق منها العديد من المسيرات، بجانب مقهى التجارية فى المنشية وهى قديمة جدا، وانطلقت منها مظاهرات عديدة فى السنوات الماضية ومنذ عهد عبدالناصر، ومعروف عنها أنها من أكبر مقاهى المثقفين، وتوجد أيضا مقهى "الوطنية" بوسط المدينة ويجلس عليها شباب التيارات الليبرالية المختلفة وخصوصا التيار الشعبى و6 أبريل، وهناك أيضا مقهى"الكريستال" على الكورنيش، وهى التى تم القبض على العديد من النشطاء فيها من قبل، وحدثت فى تلك المقاهى حملات لتصفية الثوار والنشطاء كان يقودها ضابط أمن دولة، وتم القبض فيها على شباب أدمن صفحات على الفيس بوك، ويجلس عليها شباب الجبهة الشعبية وشباب من أجل التغيير.
أما فى المحلة فيقول كريم حورس - أحد شباب ائتلاف المحلة -: النشطاء والسياسيون فى المحلة يتمركزون فى مقهى "فريندز" فى ميدان الشون، وهى قريبة من مظاهرات الميدان، ونجلس عليها لنجهز للمظاهرات والمسيرات، ونجهز فيها اللافتات والأعلام، بجانب مقهى "الباشاوات" وتتجمع فيها المسيرات أيضا ويجلس عليها العديد من التيارات، بجانب مقهى "وسط البلد" وهى بجانب المسجد الذى تخرج منه مسيرات يوم الجمعة.
أما عن بورسعيد فيقول أحمد أبوالحمايم البورسعيدي: أشهر المقاهى السياسية فى بورسعيد على رأسها مقهى "سماره" بشارع أوجينا بحى الشرق، والتى يتواجد فيها دائما النشطاء والسياسيون، ويجلس فيها يوميا البدرى فرغلى مع النشطاء، كما قام من قبل أحد المجرمين بإلقاء قنبلة مسيلة للدموع عليها، وتمت تسميتها بهذا الاسم نسبة إلى "سمارة" الشخصية التى قدمتها تحية كاريوكا، ولأن صاحبها المعلم صبحى كان صديق محسن سرحان بطل الفيلم، كما تنتعش هذه المقهى أيام معارك الانتخابات، ومن يسيطر عليها يكسب، وخصوصا البدرى فرغلي ذلك لأنها فى قلب المدينة، وبجانبها توجد مقهى "البحرية" عند باب عشرين الجمركي، ومقهى "المجابرة الصعايدة"، فى شارع محمد علي، ومقهى "قوطة" فى شارع الحميدي، بجانب مقهى "رأس البر" فى أول شارع الثلاثيني، ومقهى "الضيظوي"، وكلها يجتمع عليها الثوار، ومنها انطلقت المظاهرات والاعتصامات.
- "شباب 6 أبريل يتجمعون فى "البورصة". و"التكعيبة" مقر الشيوعيين":
- الشيوعيون فى "التكعيبة:
للاشتراكيين الثوريين والشيوعيين مقارهم ومقاهيهم أيضا، فينتشرون على التكعيبة ووادى النيل و"After 8". ويقول أحمد عزت - أحد شباب الاشتراكيين الثوريين -: فكرة وجود اليساريين والناصريين على تلك المقاهى قديمة جدا، وظهرت بشكل أكبر مع المظاهرات فى عهد السادات، وكان تواجدهم قبل ظهور التيارات الليبرالية، وكان لديهم اهتمامات بالمناقشات السياسية العامة، وتلك المقاهى لها علاقة بتاريخ مصر نفسه، فأغلب الفنانين والسياسيين والمثقفين كانوا يتجمعون فى تلك المقاهى وغيرها من مقاهى وسط البلد، وذلك بسبب وجود الوزارات والمسارح والمكتبات، بجانب أن ميدان التحرير منذ الثلاثينيات والأربعينيات وهو رمز المظاهرات، وتلك المقاهى قريبة منه، ونحن توارثنا التواجد على تلك المقاهي، ولذلك نفضلها أكثر من غيرها.
وعند التوجه لهذه المقاهى وجدنا أن النقاش العام فيها يدور حول انسحاب جبهة الإنقاذ من الانتخابات، وسط تباين الآراء، فمنهم من يؤيد القرار، ومنهم من يعارضه بحجة أن ذلك لن يفيد، ويجب على التيارات اليسارية أن تشارك فى الانتخابات وتحاول أن تلتحم مع الشارع أكثر من ذلك وتتعاون مع القوى الليبرالية ضد التيارات الإسلامية.
- "كافيه إسلامى فى مدينة نصر به مصلى ويمنع التدخين ويرفع شعار "ممنوع الاختلاط":
- أول مقهى إسلامى
لأول مرة يظهر فى مصر مقهى فى مدينة نصر محافظ يطغى عليه الشكل الإسلامى من منع التدخين ومنع سماع الأغانى وفصل الرجال عن النساء، وعند التوجه لهذا المقهى وجدنا أن اللحى والنقاب طاغية على المكان، مما جعل البعض يؤكد أنه أصبح للسلفيين مقهى خاص بهم، وتحدثت عنه وكالة "سكاى نيوز" وأكدت أنها بداية أسلمه المقاهى فى مصر.
ويتكون المقهى من 3 أقسام، أحدها للشباب والآخر للفتيات والثالث للعائلات، تفصل بينها أبواب زجاجية غطيت بأحرف كبيرة حتى لا يتسنى للجالسين فى قسم رؤية الجالسين فى قسم آخر، كما يوجد مصلى خاص للنساء وآخر للرجال.
وقال أحد العاملين: يمنع دخول شباب وفتيات معا إلا إذا كانا زوجين، أما إن كذبا بشأن طبيعة العلاقة التى تجمعهما فسيسمح لهما أيضا بالدخول، لأنهما يتحملان وزر الكذب، فلا يمكن لنا الاطلاع على البطاقات الشخصية لجميع رواد المكان.
ويقول محمد سيد - مدير المقهى -: لم نسوق المكان على أنه إسلامي، ولكننا منعنا التدخين والأغانى ومنعنا الاختلاط بين الرجال والسيدات، فمحطة مترو السيدات تمنع ذلك فهل المترو إسلامي؟ وهناك أماكن كثيرة تمنع التدخين، فنحن فى النهاية نقدم تجارة واخترنا شكلها ولاقت قبولاً عند البعض، والناس تأتى بشروط المكان بكامل إرادتها، فنحن لا نجبر أصحاب اللحى أن يأتوا إلينا ولا نمنع أحداً من الدخول، ولكن هناك شروطا لدخول المكان يجب على الجميع اتباعها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لـقهوة بلدي - كافيه شوب