آخر الأخبار
1

الثلاثاء، 26 مايو 2015

«السيارات القديمة» ينتشر في شوارع القاهرة




فى معظم دول العالم لا يكاد يمرّ على السيارة المستعملة ٥ أعوام حتى يتم استبدالها بأخرى حديثة، مقابل تقديم تسهيلات وخصومات خاصة للمستهلك الذى يُقدم على تلك الخطوة، للخروج من أزمات التكدس المرورى التى تسببه، وحماية البيئة والصحة العامة من الانبعاثات السامة للغازات من عوادم تلك السيارات القديمة، فضلًا عن توفير كميات الوقود الكبيرة التى كانت تستهلكها، والحد من نسبة حوادث الطرق والمواصلات التى تنتج عنها، نتيجة كثرة الأعطال التى تعانى منها، لانتهاء عمرها الافتراضى من ناحية وعدم كفاءتها للسير على الطرقات من ناحية أخرى.
منذ عام 2009 كان أول مقترح مصرى يتم عرضه على وزارة الصناعة والتجارة الخارجية حينذاك وضع استراتيجية كاملة لعملية إحلال السيارات الملاكى القديمة التى مضى على عمرها السوقى نحو 20 عامًا، واستبدال سيارات أخرى حديثة بها، يتم دفع ثمنها على أقساط، ودعم صاحب السيارة المستبدلة بمبلغ نقدى كتعويض له عن سيارته القديمة.
وتوصلت «التحرير» إلى وجود ما يقرب من 500 ألف سيارة ملاكى ونصف نقل وميكروباص مصنعة منذ السبعينيات والثمانينيات، وما زالت تسير فى الشوارع المصرية، وهى تمثل نحو 60% من سيارات العاصمة، التى يوجد بها نحو 2.14 مليون مركبة، حسب ما ورد فى آخر تقارير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، من إجمالى عدد المركبات المرخصة البالغة 7.51 مليون مركبة، وكثيرًا ما تتسبب تلك السيارات القديمة فى تعطيل الحركة المرورية، بالإضافة إلى ما تثيره من تلوث وانبعاثات تهدد الصحة العامة، نتيجة الغازات السامة التى تخرج من عوادم تلك السيارات.
قرار جمهورى بإلغاء تراخيص السيارات القديمة
يعد المقترح الذى أعدته الجمعية المصرية لسلامة المرور والنقل والمواصلات، التابعة لوزارة النقل والمواصلات والنقل البحرى، بمثابة طوق النجاة للخروج من أزمات تكرار حوادث الطرق، وزيادة رقعة التلوث، عبر منع ترخيص وتسجيل السيارات التى يزيد عمرها الافتراضى على 20 عامًا، أى المصنوعة عام 1995 فما دون، على أن يعقب ذلك تقليص العمر الافتراضى لتسجيل المركبات إلى 15 عامًا، ويحسب فيها عام 2005 حدا أدنى «لموديلات» المركبات المقبول تسجيلها وترخيصها، وصولا إلى 10 سنوات كحد أقصى لسير السيارات المستوردة بالشارع المصرى.
منذ عامين صدر قرار جمهورى فى عهد الرئيس الأسبق المستشار عدلى منصور، بشأن إلغاء تراخيص السيارات الأجرة والنقل التى مر على تصنيعها 20 عاما والواردة بالمادة «4» بند «2» من قانون المرور الصادر عام 1973 بعد مرور ثلاث سنوات من انتهاء الترخيص بالنسبة إلى سيارات الأجرة، وبعد الأول من أغسطس 2015 بالنسبة إلى سيارات النقل العام للركاب، وهو ما أعطى القائمين على سوق السيارات فى مصر بارقة أمل فى صدور قرار جمهورى آخر بشأن السيارات الملاكى القديمة، خصوصًا فى ظل تطبيق اتفاق الشراكة الأورومتوسطية، بين مصر والاتحاد الأوروبى، الذى يقضى بتخفيض الجمارك على السيارات المستوردة من الاتحاد الأوروبى بواقع 10% من قيمة الجمارك المفروضة عليها التى تصل إلى 40%، على أن يتم إلغاء الجمارك عليها نهائيا بنهاية عام 2019 لتصل إلى «صفر جمارك»، الأمر الذى يدفع المواطن إلى سرعة التخلص من سيارته القديمة لاستبدال أخرى جديدة دون جمارك بها.
بداية الطريق فى أغسطس المقبل
الشريحة الأولى كانت مطبقة منذ عام 2009، وتوقفت خلال عامى 2011 و2014، بسبب الأحداث السياسية التى مرت بها مصر وضغوط بعض المستوردين وأصحاب المصانع، خصوصًا أن هناك بندًا فى الاتفاقية ينص على أنه يجوز لبعض الدول التى تمر بظروف استثنائية أن تعطل الاتفاقية لمدة عامين لحماية مصالحها الخاصة واقتصادها، ويجوز التفاوض لمدها مرة أخرى إذا تطلب الأمر، ولكن الخفض المتدرج للضرائب حتى يكون «صفرًا» فى عام 2019 تقابله ضريبة مبيعات بنسبة 15% ورسوم البيئة بنسبة 3%، وهذه العوامل تقلل من تأثير الاتفاقية، حسب ما يؤكده عفت عبد العاطى، رئيس شعبة السيارات بالغرفة التجارية بالقاهرة، الذى أوضح أن من بين بنود اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبى أن تكون السيارة المستوردة موديل نفس عام استيرادها، وهذا يضر بمصانع السيارات فى مصر، لأنها تخرجها من المنافسة، مشيرًا إلى أن السوق المصرية تستوعب نحو 280 ألف سيارة مستوردة كل عام.
وعن الضريبة التى تفرضها الحكومة المصرية على السيارات المستوردة من الخارج، يقول أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين، إنها تنقسم إلى ثلاث فئات، أولاها فئة أقل من الـ1600 سى سى، وتبلغ قيمتها 15%، بينما تتضاعف تلك النسبة إلى 30% على السيارات الأكثر من 1600 سى سى، وحتى 2000 سى سى، بينما تبلغ نحو 45% على السيارات المستوردة الأكثر من 2000 سى سى.
ويضيف شيحة أن خفض التعريفة الجمركية على السيارات الأوروبية لن يؤثر كثيرًا على الحصيلة الجمركية لتلك السيارات التى تشكل نحو 30% فقط من إجمالى الحصيلة الجمركية للسيارات سنويا، وتعتمد الحصيلة الأكبر على السيارات ذات المنشأ الآسيوى، حيث تسهم بنسبة 70%، وبحلول عام 2016 ستتخطى مبيعات تلك السيارات فى مصر حاجز 500 ألف سيارة، على حد قوله.
سلوكيات خاطئة وقوانين غائبة
كَم هائل من السيارات التى تعج بها الطرقات والشوارع المصرية انتهى عمرها الافتراضى، بشكل يشعرنا أن هناك 20 مليون نسمة يقيمون فى القاهرة وحدها، وأن أكثر من نصفهم يمتلك سيارات، بل حتى أولئك الذين لا يسمح لهم فى محافظاتهم بقيادة سيارة أو لا يقدرون على اقتنائها، فإنهم فى العاصمة تأتى السيارة على رأس قائمة أولوياتهم، ولم يعد امتلاك سيارة فى بلادنا مرتبطا بمستوى معيشى معين أو دخل شهرى معين، بل مَن كان فى مقدوره توفير 3000 جنيه شهريا، فى وسعه أن يكون مالك سيارة موديل قديم لا تكلفه الكثير.
وهكذا تحولت طرقاتنا مع كل هذه الأفواج من البشر وأطنان الحديد التى تسير فيها إلى «خنقة» و«زحمة» حقيقية، بسبب الكثافة العددية للسيارات، ولأن بعضها قديم، وبعضها جديد، بل وآخر موديل، إلى جانب عشرات الآلاف من السيارات تأتى «مستوردة» من اليابان وكوريا وألمانيا وأمريكا وكندا والصين وغيرها من دول العالم، حتى أصبحت الطرق المصرية ساحة لـ«مخلفات» مصانع السيارات فى العالم، فضلًا عن الملوثات البيئية التى تخلفها وراءها وانعدام الوعى والثقافة المرورية لدى قائديها، فلا التزام ولا دراية بالنظام ولا القانون، هذا فى وقت نجد دولا أخرى فقيرة ربما لا يجد المرء فيها قوت يومه تمنع استيراد سيارات أقل من 3 سنوات من موديل العام.
12٪ من السيارات تجاوزت حد انبعاث العادم
بنظرة سريعة إلى الغرامات التى تفرضها وحدات المرور على تلك السيارات القديمة التى تنبعث منها غازات سامة ملوثة للبيئة نتوصل إلى أن الحكومة لا توقع الغرامات المستحقة على المخالفين لتطبيق المواصفات القياسية للبيئة واعتمادهم الشروط والمعايير العالمية للحدود القصوى لعوادم السيارات، ولا تفرض عليهم أى إجراءات أخرى صارمة من أجل احتياطات الحفاظ على البيئة دون تطبيق أى معايير محترمة للكشف عن صلاحية السيارات خلال إجراءات تجديد التراخيص، ممّا يجعل موقفها هذا من السيارات القديمة محل شك كبير.
وحذرت دراسة بمعهد بحوث النقل من إصابة شوارع القاهرة بالشلل فى حالة زيادة تراخيص السيارات الملاكى القديمة، وكذلك ارتفاع نسبة تلويثها للبيئة، حسب ما تشير النتائج الأولية إلى أن نسبة المركبات التى تجاوزت الحدود المسموح بها من انبعاثات العوادم تراوحت ما بين 6% و12%، حسب نوع الملوث.
وفى هذا الإطار يقول المهندس محمود مروان، مدير الإدارة العامة للمركبات بجهاز شؤون البيئة، إن الوزارة تقوم بفحص السيارات والميكروباصات بشكل يومى، وإذا ثبت أنها ملوثة للبيئة يتم سحب رخصة القيادة، ودفع غرامة مالية تتراوح ما بين 200 و400 جنيه، بالإضافة إلى إلزام السائق بإصلاح سيارته، وذلك طبقًا لقانون 94 لسنة 2009.
وأوضح مدير إدارة المركبات بجهاز شؤون البيئة أن نسب العوادم هذه مقسمة إلى شرائح على حسب موديل السيارة، فالسيارات ما قبل عام 2003 يجب أن لا تتعدى نسبة أول أوكسيد الكربون الناتج عنها نحو 4.5%، بينما لا يجب أن لا تتعدى نسبته 2.5% لموديلات ما بعد عام 2003، مؤكدًا أن الغرامات التى تقع على السيارات المخالفة يحددها جهاز شؤون البيئة بعد إنذار قائدى السيارات وعمل محاضر ضدهم يرفق معها تقرير فنى عن حالة السيارة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لـقهوة بلدي - كافيه شوب